الاثنين، 14 مايو 2012

كيف نخاطب العالم ونتحدث عن قضيتنا إلكترونياً


كيف نخاطب العالم ونتحدث عن قضيتنا إلكترونياً


من المؤكد أن لكل منا شغف بمتابعة الأحداث الجارية على الساحة في غزة، ومن الصعب أن تجد من بين هؤلاء المهتمين متفرج، فمعظم المتواجدين على الإنترنت يسعون وبشكل حثيث لنشر ما يصلهم من معلومات وأخبار عاجلة وأحداث وصور أولاً بأول لأصدقائهم ومعارفهم ومتابعيهم لغرض سام وهدف نبيل؛ لأجل الانخراط في العمل الجهادي الإلكتروني، وإعلاء صوت المقاومة والحديث عن آلام الناس وهموم الوطن وأوجاع الأمة، ولكن..


قد يقع هؤلاء في مشكلة ضرب القضية ومساعدة العدوان من حيث لا يعلمون، وذلك عند النشر بشكل خاطئ وبرسالة سلبية، فمثلاً، انتشرت خلال الغارة الإسرائيلية الأخيرة صور للمستوطنين وهم يحتمون في مواسير الصرف الصحي الإسمنتية من صواريخ المقاومة، فسارع المغردون على تويتر والناشرون على فيس بوك والمحررون على مواقع الأخبار والمنتديات بنشر صور الأطفال والنساء وهم يحتمون بهذه الأماكن على اعتبار أنها مكان الجرذان ولابد لكل جنس أن يحن لأصله، وتواردت التعليقات التي تتندر بهم وتشفي الصدور.. ولكن هذه مثلبة، الصواب – وجهة نظري- هو نشر صور الرجال وهم يحتمون بالمجاري الإسمنتية لأننا لا نستقوي على النساء والأطفال، ولا نُظهر للعالم تعطشنا للدماء والدمار ولا نخاطب الغرب بمبدأ حبنا للعنف ورغبتنا في القتل والتدمير..
مجموعة من المستوطنين في كتل إسمنتية هرباً من صواريخ المقاومة
الجرذان الإسرائيلية تحتمي بالكتل الإسمنتية من الصواريخ المحلية
هنا مجموعة من النقاط التي انتقيتها لكم خلال جولتي في صفحات الناشرين والمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية التي يجدر بنا الاهتمام بها ووضعها نصب أعيننا عند النشر:

دورهم الاعتداء ونحن نمثل رد الفعل:

غاب عن كثير من الناشرين على الإنترنت استهلال الحديث بجملة: “رداً على الهجمة الإسرائيلية الشرسة” وختامه بجملة: “وقد استُشهد في الغارة الإسرائيلية كذا شهيد منذ بدأت إسرائيل هجمتها على غزة” لتوضيح أننا لم نبدأ العنف، ولم نبدأ بالاعتداء، بل هم من بدأوا أول مرة، وهم من خرق العهد وضيع الوعد وهذا ديدنهم منذ قديم الأزل.

مواطن بريء قبل مقاتل صنديد:

لابد أن نهتم في الحديث عبر الإنترنت بأن من قُتل أو استشهد يحمل صفة مواطن من غزة قبل أن نتحدث عن مكانه الجهادي أو رتبته العسكرية، وإلا عندما يقرأ غريب الخبر تكون المحصلة النهائية: “قُتل مقاوم فلسطيني على يد معتدي إسرائيلي” من وجهة نظر بلاده هو مقاوم كذلك، لذا نحاول إضافة “مواطن بريء” أو innocent citizen .
وعن تجربة أكاد أجزم أن هذه العبارات من أكثر ما يطعن في مصداقية الإعلام الصهيوني ويودي بها في مقتل، فعندما تُعلن وسائل إعلامنا أن المستهدَف كان مواطن، أو شخص بريء، أو عابر طريق أو شخص مدني، تقع وسائل إعلامهم في تخبط واضح للبحث عن تبرير لقتله دون جريرة، صحيح أنهم ليسوا بحاجة لذريعة وأن القتل متأصل في دمهم ولكن دوماً تجدهم يخرجون بتصريح يحفظ لهم ماء الوجه.

أطفالنا هم الأكثر تأثراً.. وتأثيراً:

جميلة جداً كانت صورة الطفل ابن الشهيد القائد زهير القيسي وهو يبكي أباه رحمه الله، أقصد جميلة من ناحية التأثير في العالم وخصوصاً الغربي، مثل هذه الصورة توجه أنظار العالم نحو القضية بطريقة أفضل ومن زاوية إنسانية بحتة، بينما كانت صورة والده الشهيد أقرب للصورة النمطية للإرهابي ذي اللحية الطويلة تحاكي صورة الإرهابي الأكبر – من وجهة نظر الغرب طبعاً – أسامه بن لادن رحمه الله، فنشر صورة الأب الشهيد محلياً قوي ومؤثر بينما نشر صورة ابنه الباكي عالمياً أكثر تأثيراً..
جميل أن نضيف اسم الشهيد الطفل أيوب عسلية 12 عاماً وعمره مع كل إحصائية للعدوان الإسرائيلي على غزة، ونعرج في كل حصيلة إلى عدد الشهداء من الأطفال والنساء، وعند الحديث عن الجرحى أن نذكر الأطفال وننشر صورة الطفل وافي شوقي عسلية الذي أصيب في رأسه والدماء تغطي وجهه.
الطفل وافي شوقي عسلية مصاب من طائرات الاحتلال
الطفل وافي عسلية أصيب في الغارة الإسرائيلية على غزة أثناء عودته من المدرسة
نبتعد عن الحديث العاطفي ونركز على المنطقي بخطاب سياسي عقلاني واقعي مقنع
احرص على توثيق الأحداث بالأماكن والتواريخ الصحيحة لأن العدوان يدعي أن الفلسطينيين ينشروا صوراً قديمة أو من أماكن مختلفة في العالم على اعتبار أنها في فلسطين وفي الوقت الراهن لجلب التأييد والتعاطف لقضيتهم.
نركز على أن الاستهداف كان لطلاب المدارس أثناء خروجهم من المدرسة أو ذهابهم إليها
أطفال المدرسة أمام بقايا مدرستهم
مجموعة من الطلاب ينظرون للدمار الحاصل الذي لحق بمبنى سكني من 5 طوابق جراء قصف طائرات صهيونية من طراز F16 أمريكية الصنع والذي أصيب فيه 35 مواطناً غالبيتهم من طلبة المدارس الأطفال
انظروا للصور التالية لمجموعة من الأطفال المصابين وهم يتلقون العلاج في المستشفيات واعلموا أن تأثيرها عالمياً يحرج الكيان ويجعله في مأزق صعب عند تداولها.

عدالة القضية وصدق رجالها:

أما من ناحية إيمانية فأجمل صورة نشرت كانت للشهيد عبيد فضل الغرابلي رحمه الله وهو رافع لأصبع السبابة، في أعظم دلالة على أنه صدق الله وعده فصدقه الله.
الشهيد عبيد فضل الغرابلي رحمه الله
الشهيد عبيد فضل الغرابلي يرفع السبابة لعنان السماء

آلة الدمار قبل صواريخ المقاومة:

نحن نحب المقاومة وندعمها ونعلي من شأنها ونتحدث دوماً بفخر عن إنجازاتها ونتغنى بتقدمها وتصديها للعدوان في كل مرة يغيرون فيها علينا، ولكني لست مع نشر صور القادة أو التصريح العلني بأسمائهم، أو تمجيد إنجازاتهم، ليس فخراً عندما ننشر أسلحتهم ومعداتهم وعتادهم وصور صواريخ المقاومة وهي تنطلق تغرد متجهة للمناطق المحتلة، كفانا أن نتداول هذا بيننا كخبر وأن نحصده كأرقام لنشد به الأزر ونقوي العزيمة، ونرفع الهمة.
أما الذي يجب نشره وتداوله فهو صواريخ العدوان، وطائرات F-16 وقوتها التدميرية، والقبة الحديدة وهي تتصدى لصواريخ المقاومة، القذائف المدفعية وهي تدك البيوت على أهلها وساكنيها، وتحتها نذيل: هذه هي أسلحتهم وهذا هو صلفهم وهذه قوتهم التي يستخدموها ضدنا، وضد أطفالنا ونسائنا، والمباني السكنية والأهالي الآمنين، وبالرغم من تمترسهم خلف آلة الحرب العسكرية الضخمة إلا أن الخوف يعتريهم والجبن يسربل خطواتهم في كل مرة يقدمون فيها على غزة.
آلة الدمار الإسرائيلية
مجموعة من الجنود الصهاينة وهم يحتمون خلف تلة يشاهدون القبة الحديدية وهي تتصدى لصاروخ محلي الصنع

نعم.. نحن الضحية لا الجلاد:

لماذا يجب علينا أن نمثل دور الضحية دوماً؟ لأننا فعلاً الضحية المستهدَفة، ثم كيف لا نمثل هذا الدور والصهاينة يصفون أنفسهم دوماً بأنهم الضحية، ويسعون عبر وسائل الإعلام عالمياً لتثبيت هذه الحقيقة وأنهم مضطهدون من معظم أجناس الأرض، ومحاربون من دول الجوار ، ومطاردون في بيوتهم من المجرمين والإرهابين والأصوليين؟ ونعي جيداً أنه لا يتعاطف مع الجلاد عدد مثل الذين يؤيدون الضحية حتى وإن لم تكن صاحبة حق في القضية..

ويشف صدور قوم مؤمنين:

ما سبق لا ينفي تداول صور الدمار في الكيان من صواريخ المقاومة والمقاطع المرئية للمستوطنين والذعر يشل حركتهم ويدمر حياتهم، ولكن يكون النشر على نطاق محلي ضيق، بين المعارف والأصدقاء لتحقيق قوله سبحانه: “ويشف صدور قوم مؤمنين“، وتذكر دوماً قوله تعالى: “وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً” [النساء: 104]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق