ربما سمع بعضكم منذ فترة عن مشروع جوجل الذي يسمى Loon Project والتي بدأت في تجربته لتجعله صالحا للتنفيذ في أقرب وقت، وهو عبارة عن تزويد المناطق الفقيرة والدول النامية ببالونات طائرة توصل خدمة الإنترنت إليهم بما أن البنية التحتية لديهم لا تسمح بتوصيل الإنترنت الأرضي وسيكون مكلف بالنسبة لهم أيضاً.
هذا المشروع بدأته جوجل منذ عام 2011 ومازال قيد التطوير، والمفترض أن تكون سرعة الإنترنت من خلال هذه البالونات الطائرة نفس سرعة إنترنت الجيل الثالث المقدمة من مزودي خدمات المحمول (3G)، ويستطيع البالون أن يغطي منطقة بمساحة 485 ميل مربع، وهو صالح للاستخدام لمدة تزيد عن المائة يوم قبل أن يصاب بأعطاب أو يتآكل.
الفكرة مدهشة ونبيلة، هذا إن كان الهدف خيري بحت بالطبع، بأن يتم وضع هذه المناطق على الخريطة العالمية، ومحاولة لجعلهم متصلين مع العالم من حولهم، خصوصاً مع انتشار الهواتف الذكية رخيصة الثمن مما سيجعل الأمر سهل وغير مكلف بالنسبة لأفراد هذه المجتمعات، فإيجاد الوسيلة للتواصل معهم بالتأكيد سيكون له إيجابياته لهم، وربما سيكون له سلبياته أيضاً.
ولكن الأسبوع الماضي طالعتنا الصحف بخبر جديد، وهو أنه توجد محاولات جادة من قبل فيس بوك للاستحواذ على شركة Titan Aerospace، وهي شركة تنتج طائرات آلية القيادة تعمل بالطاقة الشمسية، وهنا يثار التساؤل، ماذا ستفعل فيس بوك كشبكة اجتماعية بطائرات كهذه؟ وبناءاً على تقارير لاحقة فقد تأكد أن فيس بوك تريد دخول نفس المضمار ومنافسة جوجل في تغطية المناطق النامية بالإنترنت.
وللعلم فقد كانت هناك عدة محاولات قبلا في نفس المجال حتى من قبل مشروع جوجل، ولعل أبرزها كان مشروع Teledesic والذي كان ممول من قبل بيل جيتس وبول آلان والأمير السعودي الوليد بن طلال، ولكن المشروع تم إلغائه قبل إطلاق أول تجربة منه. وكانت هناك عقبة وحيدة تقف أمام هذه التجارب السابقة وهي أن الأشخاص كانوا يحتاجون لأجهزة ومعدات خاصة ومكلفة لاستقبال إشارة الانترنت، أما اليوم فالجميع يمتلك هواتف ذكية تعمل بكفاءة وتذلل هذه العقبة وسعرها في متناول اليد.
رجوعا لطائرات فيس بوك، تستطيع هذه الطائرات تقديم إنترنت فائق السرعة تصل سرعته إلى 1 Gbps، والطائرة الواحدة من الممكن أن تغطي مساحة تصل ل 1018 ميل مربع، وتستطيع الصمود لأكثر من 1826 يوم قبل الحاجة إلى الصيانة أو إصابتها بأعطاب.
إذاً من ناحية الخدمة فمن الواضح أن طائرات فيس بوك تتفوق على بالونات جوجل، ولكن هناك عدة نقاط هامة ربما تجعل الكفتان متعادلتان، أولاً رأي الخبراء بأن هذه “الأشياء” الطائرة من أي شركة لها عمر افتراضي، وعند انقضاء هذا العمر أو حتى عند حدوث عطب ما فجأة لأي سبب فمن الوارد جداً أن تسقط من السماء، لذا فأيهما تفضل؟ أن يسقط علي رأسك بالون أم طائرة؟! بالتأكيد الطائرة ستكون أثقل بكثير من البالون وستسبب ضرراً هائلاً حال وقوعها.
ثانياً عطب البالون سيكلف بضعة مئات من الدولارات لإصلاحه، أما عطب الطائرة فربما آلاف أو حتى ملايين الدولارات لإصلاحه، ثالثاً أي دولة تلك التي ستسمح بمرور طائرات تحلق في سمائها الإقليمية ليلاً ونهاراً، حتى ولو وعدت الشركة بأن هذا بغرض توصيل خدمة الإنترنت فقط؟ بالنظر لهذه الأسباب نجد أن المنافسة ستكون شديدة بين الشركتان، وقريباً سنرى أي المشروعين سيكتب له النجاح والاستمرار، وأيهما سيجد قبولاً من المجتمع الدولي عامة، والدول التي بحاجة لهذه الخدمة خاصة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق