السبت، 15 نوفمبر 2014

ولمُلئتَ منهم رُعباً

بسم الله الرحمن الرحيم


ولمُلئتَ منهم رُعباً

بقلم: الشيخ بسام جرار


جاء في الآية 18 من سورة الكهف:"... لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً".يسأل البعض عن السبب المحتمل الذي يجعل من يطلع عليهم في حال نومهم يمتلئ رعباً؟!ولنا هنا لتقريب الإجابة الملاحظات الآتية:





أولاً: رؤية جماعة نائمة في كهف لا تدعو إلى الرعب، وعلى وجه الخصوص قديماً، لأنّ ذلك كان من مألوف الناس.
ثانياً: قول الفتية بعد الاستيقاظ من نومتهم الطويلة:"... لبثنا يوماً أوبعض يوم"، يدل على أنهم لم يلاحظوا تغيّراً في أشكال بعضهم البعض.
ثالثاً: الرعب الذي يملأ الناظر إلى الفتية أثناء نومهم يمكن أن يشير إلى تغيّر في صورتهم تقتضيه سنن الله في الخلق والبقاء. ولا يتنافى ذلك مع قدرة الله المطلقة، لأنّ ذلك مرده إلى الإرادة الربانيّة.
رابعاً: معلوم أنّ الأفعى هي من ذوات الدم البارد، ويمكنها أن تدخل في سبات لمدة طويلة مكتفية بما كانت قد تناولته من طعام وشراب قبل البيات. ويرجع ذلك إلى أمور منها، أنها لا تملك دورة دموية كالثديات بحيث تستهلك الطعام والطاقة الناتجة عنه بسرعة. ثم هي تمتلك جلداً صلباً أملس خالياً من المسامات، وهذا يعني أنها تحتفظ بالسوائل والطاقة فلا تُستنزف بسرعة.واستناداً إلى هذا نقول: إنّ الفتية عند نومهم الطويل يحتاجون إلى دورة دموية بطيئة، وهم بحاجة ملحة إلى أن تحتفظ أجسادهم بالسوائل والطاقة. وهذا يعني أن تتحول جلودهم فتصبح أقرب إلى الصلابة وأبعد عن المساميّة، بما يشبه جلد الأفعى.
خامساً: ضغط منخفض جداً وجلد أملس صلب، ألا يجعل ذلك كله صورة الفتية مرعبة لكل من يطلع عليهم.
سادساً: الجلد الصلب يعني مساحة أقل، وهذا يؤدي إلى أن تكون العيون مفتوحة أثناء النوم. انظر قوله تعالى في الآية 18 من سورة الكهف:" وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود...". يضاف إلى ذلك أن تتراجع الشفتان عن الأسنان. وبإمكانك الآن أن تتخيل المنظر!!
سابعاًً: الخروج من هذه الحالة لا يكون مفاجئاً، وإنما تكون عودة تدريجية حتى تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي، ثم يستيقظ الفتية وهم في حالة طبيعية. ولكن حاجتهم الشديدة إلى الطعام تجعلهم يسارعون إلى إرسال أحدهم لشرائه. وهذا يشير إلى أنهم لم يخططوا للأمر قبل أن يلجأوا إلى الكهف، وإنما كان الأمر مفاجئاً لهم.
ثامناً: أمّا شمسُ المغيب الهادئة غير المحرقة فتمس أجسادهم كلّ يوم لتعطيهم الطاقة المطلوبة، وعلى وجه الخصوص الأطراف البعيدة عن مركز الدورة الدموية البطيئة.
تاسعاً: التقليب لأجسادهم، ووضعية الكهف، والكلب الموصد للباب، واتساع الكهف بقدر محدد..... كل ذلك رسائل لنا لنتفكّر ونتدبّر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق